جريدة كُتاب إيلاف جريدة كُتاب إيلاف
randomposts

آخر الأخبار

randomposts
randomposts
جاري التحميل ...
randomposts

مقال بعنوان "التمس لاخيك سبعين عذرًا" بقلم د. عبدالرحمن إسماعيل ✍️

 



التمس لأخيك سبعين عذرًا




مشاعرٌ جمة تتراطم داخلك كالأمواج، حرّكتها رياح العجز؛ حتى هاجت فأغرقت شواطئ الأمان بداخلك، وطمست جزر النجاة، وقذفت بسفينتك في عرض بحرٍ من اللوّم -إما لنفسك أو لمن حولك-


فما أصعب أن يزدحم قلبك بكلمات الحب، ويعجز لسانك عن إخراجها!


وما أقسى أن تشعر أن من حولك: "أب، أو أم، أو أخ، أو أخت، أو صديق، أو زوج، أو زوجة" يضن عليك بكلمة حب أو بلفظة طمأنينة!


كم مرةً وددت تقبيل يد أبيك ولم تتمكن من مقاومة ترددك، وادخرت تلك القبلة حتى خرجت على جبينه، ويده باردة لا معنى لها، بعد أن حرمك الموت من إحساسه بها!


كم مرةً وددت أن ترّبت على كتف أخيك، وتحتضنه، وتصرخ فيه: "أنا أعاني من أجلك، ومصابك هو مصابي"، ولكنك اكتفيت بالأسى لحاله في الخلوات، ومنعك خجلك -أو عجزك عن الحل- من مساندته ولو بكلمة!


كم مرةً أقبلت على صديقك، وأخبرته أنك تحبه وأوصيته بنفسه خيرًا حتى لا تُفجع فيه!


كم مرةً كان لازمًا عليك أن تجفف دمع أختك وتضمها إلى جوار قلبك، وتهمس في أذنها: "ظهري لك سندٌ إن جارت عليك الدنيا"، ولكن أختصرت ذلك كله في نظرات حبٍ لعلها لم تصل!


كم مرةً أرخيت ناظريك خوفًا من مواجهة عينيّ أمك، وانسحبت بعيدًا متفاديًا حضنها، وخافيًا دمع عينيّك خوفًا من أن يُقلل ذلك من رجولتك المزعومة!


كم مرةً فاتك أن تُطيِّب خاطر زوجتك، وأن تعلن لها عن امتنانك لوجودها بجوارك، وارتضيت فقط بأن تمس شعرها بوجل وتتأمل قسماتها المنهكة في خدمة أولادك وهي غارقة في النوم لا تشعر بلمسة يدك تلك!


كم وكم !!!


وبعد كل موقف من هذه المواقف تحبس نفسك في سجن اللوم، وتجلد عقلك بسياط التقريع، وتأدب لسانك بالصيام؛ حزنًا على عدم الإفصاح عن حبك لهؤلاء.


فطن الحبيب - صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك حين قال: "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه".


فلا تترد في التعبير عن مشاعرك لكل من حولك، ولا تظن أن ذلك من الضعف، إنما هو قوة لا تُقهَر، وقف في وجه خجلك، فلن تكفيك دومًا نظرة عين أو رقرقة دمعة أو قبلة على جبين ميت؛ فقبلة يد أبيك تشعره بأن عمره لم يذهب سدى، وجملة "أنا معك" لأخيك أو لأختك -رغم بساطتها- فيها من الأمان أضعاف ما تعتقد، ولفظ "أحبك" لزوجتك فيه سكن العيش ودفء الأسرة، وتفقدك لحال صديقك يديم الأخوة في الله، وحضن أمك فيه أمان وراحة لن تجدها إلا في الجنة، ولن تجد الجنة إلا إن أظهرت لها البر في القول والفعل. 


وإن كنت الأب أو الأخ أو الصديق، أو كنتِ الأخت أو الزوجة، فالله الله في حسن الظن والتماس العذر، ولم يمر ذلك على الحبيب مرور الكرام -أيضًا- حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: " التمس لأخيك سبعين عذرًا".


اختلق لأخيك الأعذار دومًا، فليس كل لسان لصاحبه طيّع -خاصة عند الحديث عن المشاعر- ورقق قلبك على أخيك المُقصِّر بتذكر موقف طيب له، فحتمًا ستجد له رصيدًا عندك من طيب القول أو الفعل؛ فليس كل تقصير كره، ولا كل بعد جفاء، ولا كل صمت لامبالاة؛ فالدنيا وهمومها، والنفس وهواها، والعمل وأشغاله، والعجز وانكساراته، والخجل وتبعاته، جميعها أمورٌ تصنع الصمت والبعد وجفاف المشاعر المنطوقة.


 واعلم كذلك أن انشغالنا بالبعض يأتي على حساب البعض الآخر -رغمًا عنا- وأن كل مرحلة من حياتنا تفرض علينا اهتمامات جديدة دون أن نشعر، إننا نبتعد، وذلك لا يعني أننا فقدنا مشاعر الحب والمودة لأهلنا أو لأصدقائنا ولكنها الحياة تسرقنا حتى من أنفسنا. 




أخيرًا.. من أراد الراحة في هذا؛ فليجاهد خجله وأشغاله، ويعبر عن حبه وإمتنانه لمن حوله قدر ما ووقتما يستطيع، وإن كان هو الطرف الآخر؛ فليضع نفسه مكان أخيه، وليكن منصفًا في حكمه عليه، وقتها سيرى عن كثب السبعين عذرًا التي أخبر عنها الحبيب.


والسلام على محسني الظن.




بقلم الدكتور عبدالرحمن إسماعيل ✍️






     ꧁꧁꧁꧂꧂꧂




                 أتمنىٰ أن يكون أعجبكم💙


         لا تنسوا تعليق برأيكم فضلًا💙


            دمتُم بخير أحبائي في الله💙




     __________________




   زورونا على قناة اليوتيوب 👇👇


       https://youtube.com/channel/UC4JFhoLLZPQk8M97T4DMMmA


التعليقات



جريدة كُتاب إيلاف، جريدة أدبيه لنشر كل ما يَخص الأدب من خواطر، نصوص، مقالات، قصص، روايات، شِعر، حوارات صَحفية، كُتب إلكترونية، مواهب مُختلفة، كما أنها جريدة إخباريه، لعرض كل ما هو جديد من أخبار على مدار اليوم.

إتصل بنا

زوار الموقع

زوار الموقع

أعلن معنا

موضوع مُميز

«ترنيمة قلب» كتاب لمجموعة كُتاب

 كتاب «ترنيمة قلب»  لتحميل كتاب«ترنيمة قلب» أضغط هُنا https://www.mediafire.com/download/x47yzn4cyz5k578

الساعة الآن

جميع الحقوق محفوظة لـ

جريدة كُتاب إيلاف

|

تصميم أحمد كِشك