ليلة شتاء قاسية
في إحدى الليالي شديدة البرودة و في إحدى جوانب الطرقات، يجلس وحده في وسط ظلام دامس يُحيط به، تتساقط دموعه بلَا هدف، ينتظرها أن تعود إليه كحال كل يوم منذُ سنوات، لم يسمح لليأس بأن يتغلغل بداخله، ينظر لما تبقي في يده يجدها قطعة خبز تكاد تكون عفنة، ويزداد ألم معدته طلبًا للطعام، ثم يضعها في فمه بالإجبار فليس لديه شئ سواها، ينظر بجانبه يجد أخته الصغري قد نامت ودموعًا رفيقة خدها من جوعها، نظر للسماء وخرجت منه صرخة متألمة، يدعو ربه كي يبدل حالهم، وبالرغم مِن صغر سنه إلا أنّه يحمل قلبًا أشد دفئًا مِن لياليه، أخذ أخته داخل أحضانه كي يبعد عنها قليلًا مِن البرد، ويخلد للنوم علي أمل أنّ القادم أفضل ولكنك يا صغيري تعيش في مجتمع قاسي لا مكان للحنان بداخله، حتي أحلامه لأ ترحمه تُريه أبشع المناظر تُريه ضرب أحدهم له عندما طلب منه شئ كي يُطعم أخته الصغيرة ولكنه لم يعطف عليه، وهكذا هي أيامه يومًا تلو الآخر وليلة تليها الأخري، لم يتمكن مِنه اليأس، لم يضعف، بلّ عمل واجتهد واجتهد لأجل أخته ولم ييأس أيضًا مِن قدومها مرة أخرى، أنها والدته تركته وحيدًا هو واخته، لم يكرها يومًا ولكنه ظل مبتسم للحياة، وها هو الآن قد حقق حلمه ويجلس الآن في إحدى المنازل أمام البحر يري تلك الأمواج تشبه حياته، يبتسم وقد تغلغل الشيب لرأسه، ها هو صغيرنا أصبح مِن أشهر الدكاترة في مجاله، أتعلم لماذا ؟ لأنه لم ييأس، لم يؤثر به ذلك الرجل الذي نهره ولا والدته ولا حتي البرد، لأنه هو أراد أنّه يصبح كما يريد هو، وقد كان.
بقلم شهد عطوان "وتين "
